سمعت صوت الصفعه أولا في أذناي ، قبل أن أحس بها على وجهي ، كان الصوت
مدويا حتى طغى على حس الألم !، غمغم رجل الأمن بشيئ ضاع قبل أن أسمعه
كنت معلقا من يداي ، عاري الجسم إلا من آدميتي ! ، يحتشد ألم العالم كله في
داخلي ، لم تكن الصفعات سوى لحظات من الراحه بين أنواع أخرى من العذاب
أقبل الضابط فتنحى رجل الأمن ليفسح المجال له ، توقف أمامي ، كان وجهه أليفا حتى
لتحس بانه صديقك !! (لماذا لا توفر على نفسك العذاب ؟) قال الضابط ، سرحت قليلا
لأبحث عن سبب وجودي هنا ! راجعت سنواتي عمري التي مضت !! رجعت
لبطن امي لأعرف ماذا فعلت !! أعادني شيئا ما ، ألم ما !
اصطدم أنفي بشيئ ما ، بدات أحس بشيئ حار يسيل !
كانت لكمه وجهها لي الضابط فكسرت انفي !
مسحت الضابط يده بمنديل قدمه له رجل الامن ، كان يشبه الخرقه التي كانت أمي تمسح بها
الدم الذي يخرج من جروحي أثناء لعبي ،
كنت شقيا لا أكف عن اللعب طيلة النهار ،اقع هنا و أجرح ركبتي هناك ، احيانا كانت جروحي خطيره
لعبتي المفضله كانت الصراخ !
(آآآآآآآآآآآآآآآآآي) !!! دوت صرختي بآخر ما ملكت من قوه !!
عم المكان رائحة دخان شواء ، كان رجل الأمن قد اطفأ سيجارته في منطقه حساسه
من جسدي ! عمني الإرتجاف ، غمت الدنيا فلم أعد أرى شيئا !
اعترف ، اعترف ، راحوا يرددون
تصاعد صوت ما من داخلي ! سار حتى وصل فمي فخرج حارا كرغيف تلقفته شفتاي
الجائعتان ( سأعترف ) ! بدا الإرتياح على وجه الضابط الأليف الذي تحس بانه صديقك
ضحك رجل الأمن و عم السكون المكان إلا جسدي الذي استمر يصرخ من الألم !!
رأيت أبي و هو يغازل أمي في الطريق ! لم يكن غزلا بل كان هياما حلقت به روحه
فانتقل لها ، رأيت حبهما و هو ينمو بين غابات الحياء و الخجل و يقوى بالنيه الصادقه
و المشاعر البريئه التي رضخ لها الواقع ! ، جلس ابي ليحدث جدي برغبته في الزواج
كان جالسا ووجهه مطرق للأرض و جدي يجلس على كرسي يشبه هذا الكرسي
الذي احضروه للضابط !! (مممم ) غمغم الضابط بصوت تحس فيه نغمة الإنتصار ( لم
نكن نريد تعذيبك فنحن أيضا أبناء بلدك !) تذكرت لهفة أبي و خوفه علي لما أعود للمنزل
و
أنا مجروح أو يسيل مني دم أثناء لعبي و أنا طفل ، كانت أمي تجري هنا و
هناك و تملأ الدار صياحا و صراخا ، فصرخت باعلى صوتي (
حرياااااااااااااااااا ) رأيت الفرح يغطي
السماء و ابي و هو بكامل زينته و المدعون و اصواتهم المتداخله ، موائد الطعام و الأيدي
التي مدت إليه ، الأطفال يتقافزون و هم سعداء ، رائحة السعاده التي فاحت من القلوب
النقيه ، امي و هي كالبدر تجلس بين صويحباتها و ضحكاتهن التي تشي بالبهجه
خرج جدي و هو يحمل مسدسه ! كان وجهه تغطيه ضحكه كبيره و من حوله كبار
السن ، رفع جدي مسدسه للأعلى ، سمعت صوت الطلقه فصخت أذناي من الطنين
علا صوت الزغاريد عاليا يشق كبد السماء ، فتحت عيني فرأيت الضابط صاحب الوجه
الذي
يشعرك بالألفه كأنه صديقك !!و هو يمسك بمسدس يخرج منه الدخان !! كان جالسا
على كرسي كالذي كان يجلس عليه جدي ، نظرت لصدري فرأيت ثقبا صغيرا أسود
ينبجس
منه الدم ، دخل أبي و أمي و حملاني و هما سعيدان
لم تصرخ امي من منظر الدم الذي ملأ صدري ، حملني أبي بفخر !!
و عاد صوت الزغاريد ليعلو و يعم كل أرجاء الدنيا !